#الثائر
د. دانيلا القرعان (الاْردن)
هنالك مؤشر مهم وجوهري يؤكد على أن القضية الفلسطينية ما زالت حاضرة في الوجدان العربي، على الرغم من المحاولات الإعلامية والسياسية الرسمية إقليمياً ودولياً التي روّجت وتروّج أن القضية الفلسطينية تغيب عن الوجدان العربي ولم تعد أولوية عربية، ربما خفت بريق القضية في عروش بعض الرسميات العربية إلّا أن الرهان الحقيقي هو أن الشعوب والجماهير العربية هي صاحبة الإرادة الحقيقية في رفض كافة سياسات التطبيع، وقرار الضم، وصفقة القرن ، والانتهاكات الاسرائيلية في القدس الشريف، وحي الشيخ جراح، وقطاع غزة، وبقية المناطق الفلسطينية، وهي المساهم الحقيقي في تخليد النصر المشرف لفلسطين وقطاع غزة والشعوب العربية الحرة صاحبة الإرادة الحقيقية التي ما زالت تخلد فلسطين كقضية عروبية في الثقافة والوعي والذاكرة والتاريخ، في الوقت الذي نعيش في زمن تشهد فيه المنطقة العربية مظاهر الاعتداءات الإسرائيلية "العدو الصهيوني السرطاني" بدرجة غير مسبوقة وبشكل علني ومهين على الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.
أبت الشعوب العربية إلا ان تقول كلمتها الحرة معلنةً انتصار إرادتها الحرة ورفضها التام لبناء أي شكل من العلاقات مع الكيان الصهيوني المغتصب، ورفضها لكافة السياسات العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني، وهو إنجاز يعكس حالة الوعي الكبيرة التي تتحلى بها الشعوب العربية، ونقول إن كل من قرر التنازل عن أرض فلسطين وحق شعبها في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس لا يمثل الشعوب العربية.
"الجانب العربي : ضعيف موقف حكومات الدول، وليس الارادة الشعبية" على الجانب العربي، ورغم تكرر الإدانات من معظم حكومات الدول العربية للتصعيد الإسرائيلي، ورغم الدعوة إلى اجتماع للجامعة العربية على مستوى المندوبين لمناقشة التطورات الأخيرة، فإن هناك على ما يبدو حالة من فقدان الثقة، من الجمهور العربي اتجاه قياداته السياسية، اتضحت كثيراً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أعرب ناشطون عرب عن خيبه أملهم تجاه ردة الفعل العربية على التصعيد الإسرائيلي في القدس وفي عدة مناطق فلسطينية أخرى وقطاع غزة المحاصر.
ويعتبر هؤلاء أن الدول العربية وجامعتها، ليس بيدها ما تفعله سوى التنديد والشجب، وأنها تفعل ذلك بحكم العادة في عدة مناسبات رفعاً للعتب وحفظاً لماء الوجه أمام شعوبها، ويتساءل كثيرون عما يمكن أن يخرج به الاجتماع الوزاري الطارئ للجامعة العربية كل مرة، في ظل وجود علاقات سياسية بين كثير من أعضاء الجامعة وإسرائيل، بينما كان المطبّعون الجدد منهم مع إسرائيل حتى وقت قريب يتغنون بعلاقاتهم بها ويعربون عن تأييدهم لها في كل ما تتخذه من قرارات، بينما لم يكلّف قناصل ودبلوماسيو تلك الدول التي أقامت علاقات مع إسرائيل أنفسهم بالقيام بزيارات لحي الشيخ جراح، على غرار ما فعله الدبلوماسيون الأوروبيون للوقوف على حجم المشكلة التي تحيق بسكانه ، الذين يواجهون خطر الإجلاء والتهجير من منازلهم.
ومن وجهة نظر مراقبين، فإن الموقف العربي الحالي لا يعوّل عليه على الإطلاق في مجال دعم الفلسطينيين أو حتى تقديم حلول واقعية، إذ أن معظم الأنظمة العربية باتت منشغلة بهمومها الداخلية بين حروب ضد خصومها السياسيين، وواقع اقتصادي متدهور، أفرزته أزمة كورونا الأخيرة، وكل ذلك بجانب ترسيخ واقع جديد شهدته فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وجعل من جلّ الدول العربية أقرب لإسرائيل منها إلى القضية الفلسطينية.
الفعاليات الشعبية العربية وتحديداً الأردنية كانت دائماً مناصرة للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني. وأصبحت الشعوب أكثر وعياً وإدراكا لما يحدث وفي ظل غياب التدخل الحكومي للدول، والفعاليات الشعبية الأردنية أصبحت أكثر توسعاً وأكثر فهما لما يدور حولها، وما يلفت النظر أصبح الأردني من أصل فلسطيني والأردني الأصل كتفاً إلى كتف في هذه الاحتجاجات، وما يؤكد انها لم تعد كالسابق هو اقتراب الردود الشعبية من الحدود الأردنية المحاذية لفلسطين ولولا إغلاق الحدود لكانوا الآن جنباً إلى جنب مع الشعب الفلسطيني الصامد على أرضه. وخروجهم إلى الحدود إن دل على شيء فإنه يدل على انفجار الغضب المتراكم داخل الشعوب بكافة أطيافهم ودياناتهم، والإرادة الشعبية هي التي سوف تجلب استقلال فلسطين وليست الحكومات أو الدول.
وكذلك حجم الانتهاكات الإسرائيلية هذه المرة غير كل المرات مما دفع الكثير من الشباب إلى الاقتراب من الحدود.
إن موقف الأردن وشعبه تجاه القضية الفلسطينية وشعبها ثابت وراسخ لا يتغير مهما كانت الظروف والأسباب، وهذا ما أكد عليه جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين وأثنى عليه في العديد من لقاءاته ومشاركاته في المحافل الإقليمية والدولية. والأردن يشكل شريان حياه للشعب الفلسطيني، وسيبقى المسجد الأقصى المبارك والقدس في أعماق وجداننا، رافضين كقيادة وحكومة وشعب كل الخطوات الأحادية الجانب التي أعلنتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي أخلّت ببوصلة السلام والأمن الدوليين، وبكل المعاهدات والمواثيق الدولية فضلا عن متطلبات عملية السلام والاستقرار ومقاييس العدالة.
إننا كشعب أردني نرتبط دائما مع أشقائنا الفلسطينيين في كل المحن والانتفاضات، وإننا نقف خلف قيادتنا الهاشمية الحكيمة بمواقفها الحازمة تجاه تلك المستجدات، ومواقف جلالة الملك حول القضية الفلسطينية والدفاع عن القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وحماية الوضع القانوني والتاريخي القائم فيها تتطلب المساندة والتأييد والدعم المتواصل.