#الثائر
اعتبر الرئيس فؤاد السنيورة في حوار مع قناة "الحدث"، أن "ما نراه اليوم هو محاولة من قبل الثنائي حركة "أمل" و" حزب الله " فرض امرا مخالفا للدستور على جميع اللبنانيين"، موضحا ان "الدستور اللبناني شديد الوضوح بأنه ليس هناك من أي حقيبة وزارية، ومنها حقيبة وزارة المالية، تعتبر حكرا أو حقا مكتسبا لأي شخص ينتمي الى طائفة او مذهب معين في لبنان. كما انه، وفي الوقت ذاته، لا شيء يحول دون ان يتسلم أي شخص ينتمي الى أي طائفة او مذهب، كبر او صغر، أي حقيبة وزارية في لبنان ومن ضمنها وزارة المالية. أي أن الحقائب الوزارية في لبنان لا تتبع أي منها لأي طائفة أو مذهب. وبالتالي، فإن الذي يأتي بهذه البدعة الجديدة محاولا ان يوحي بأن طائفية حقيبة وزارة المالية قد أقرت في الطائف أو أنها بحثت في الطائف أمر غير صحيح".
وقال: "صحيح أنه قد جرت مداولات في هذا الشأن بين بعض النواب خارج اجتماعات مؤتمر الطائف، مثل التداول الذي جرى في بعض المسائل الأخرى التي تقرر في حينها عدم وضعها على جدول أعمال المؤتمر لما قد تتسبب به من خلافات قد تحول دون الوصول إلى إقرار اتفاق الطائف. كذلك، فإنه ليس هناك من عرف مستمر وثابت ومستقر أن حقيبة وزارة المالية هي حكر على من ينتمي الى الطائفة الشيعية. وبالتالي، ليس هناك ما يمكن الارتكاز إليه لا بالدستور ولا بالعرف الثابت والمستقر بشأن طائفية حقيبة وزارة المالية".
وعن الأوضاع في لبنان، رأى السنيورة أن "هناك ما يشبه وجود مسرحين تجري أحداثهما في آن معا. الأول في الخارج وهو يتعلق بالصراع المستمر والمحتدم ما بين إيران والولايات المتحدة الأميركية والمجتمعات الغربية، والثاني المسرح الداخلي الذي هو قائم في لبنان. في المسرح الخارجي، ليس للبنان أي دور فيه ولا يجوز ولا مصلحة في تحميله انعكاسات وتداعيات ما يجري على هذا المسرح من تعقيدات ومشكلات وتبعات، وهو ما تحاول بعض الأطراف جر لبنان إليه وإقحامه في متاهاته وإرغاماته. أما المسرح الآخر، وهو الداخلي، أي ما يجري في لبنان، وعلى هذا المسرح تجري محاولات من أجل طرح مجموعة من المسائل والمشكلات من أجل خدمة مصلحة فريق من هذين الفريقين اللذين يصطدمان في الخارج. أي لمصلحة الدولة الإيرانية، ومن يأتمر بأوامرها وهو "حزب الله". وبالتالي، فقد جرى اختراع قضايا ومسائل جديدة لتطرح وكأنها مسلمات ينبغي التقيد والتزامها، وذلك من أجل حرف الانتباه عما يجري في الخارج. ليس ذلك فقط، وكذلك من أجل حرف الانتباه لدى اللبنانيين عما يحصل في لبنان من احتقانات وتشنجات بسبب سيطرة وإطباق "حزب الله" على الدولة اللبنانية، وكذلك أيضا لحرف انتباه ا للبنانيين عن ملابسات ذلك التفجير المريب والمليء بالشكوك الذي حصل في بيروت في مطلع الشهر الماضي".
اضاف: "المؤسف أن الذي يجري في موضوع التحقيق بهذا التفجير يبدو وكأن هناك محاولة للطمس وللتعمية عليه. ومن أجل الإسهام في تحقيق هدف الطمس والتعمية نرى تلك المحاولات في ابتداع واختراع قضايا ليس لها علاقة لا بالدستور ولا بالأعراف ولا بمصلحة لبنان. والذي يقوم بذلك يحاول حرف انتباه اللبنانيين وكل المعنيين في لبنان عن الانهيارات الحاصلة في لبنان بسبب جملة من المآزق والصدمات التي تعصف به على مختلف الصعد الاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية، وكذلك للتعمية عن الاثار والنتائج الكارثية لتفجير المرفأ".
ورأى أن "الحل الطبيعي لقسم مهم من تلك المشكلات، هو في العودة الى الدستور والتزام أحكامه، وكذلك العودة إلى التزام ما تم الاتفاق عليه في الطائف، وذلك يسهم في استعادة الثقة بلبنان وبدولته من قبل اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي. هذا برأيي هو الطريق الذي يمكن ان ينقذ لبنان".
وتابع: "لا شك أن لبنان يعاني اليوم من مشكلات خطيرة جدا ومن ذلك الانهيار بالثقة ما بين اللبنانيين وما بين حكومتهم وايضا ما بين اللبنانيين والطبقة السياسية بمعظمها. هذا من جهة، وكذلك ومن جهة ثانية، فإن هذا الانهيار في الثقة أدى الى هذا الانهيار الكبير في القضايا والأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية. وبالتالي، فقد أصبح لبنان في حال شديدة السوء ولا يمكن ان يتم إنقاذه إلا من خلال العودة الى الأصول والمبادئ بما يؤدي الى البدء بالإصلاحات الحقيقية التي افتقدها لبنان منذ سنوات طويلة. إذ أنه لا يزال هناك استعصاء مستمر ومزمن من قبل الأحزاب الطائفية والمذهبية عن السير بهذا المسار الإصلاحي الكبير. وهذا هو الطريق الذي يمكن للبنان من خلاله البدء باستعادة الثقة به انطلاقا من قبل اللبنانيين ويواكبها في ذلك استعادة ثقة المجتمعين العربي والدولي والمؤسسات الدولية بلبنان واقتصاده ومستقبله".
وسئل عن السر وراء التشبث بوزارة المالية دون غيرها، وهل من المعقول أن يضحى بلبنان وشعبه من اجل وزارة؟ قال: "طبيعي لا. دعني أقول لك عن امرين حصلا خلال الأيام القليلة الماضية. الامر الأول هو ما قام به فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من استشارات مستجدة بعد ان جرى تكليف الدكتور مصطفى أديب لتكليف الحكومة. وهذه الاستشارات النيابية الجديدة التي أجراها فخامة الرئيس هي مخالفة للدستور. ولكن، على أي حال، فإنها تعبر بطريقة او بأخرى عن حقيقة مهمة، وهي أن جميع النواب اللبنانيين، وباستثناء النواب المنتمين للثنائي "أمل" و"حزب الله" قالوا بوجوب اعتماد المداورة في الحقائب الوزارية في تأليف الحكومة الجديدة. ذلك بما يعني ان هناك إجماعا لبنانيا ضد استفراد أو احتكار هذا الثنائي لحقيبة وزارة المالية".
اضاف: "هذا ما عبر عنه أيضا البارحة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي الذي أكد انه لا يجوز لفريق من اللبنانيين ان يلزم الآخرين ويحتكر حقائب وزارية بعينها خلافا للدستور، وخلافا للأعراف المعمول بها في لبنان. وبالتالي، فإن هذا يعني وبشكل واضح، ولا يقبل الجدل أو المعاندة، أن هناك اجماعا متزايدا لدى اللبنانيين برفض هذا الاملاء الذي يقوم به الثنائي "أمل" و"حزب الله" على اللبنانيين جميعا، لما فيه مصلحة إيران ولما فيه حرف الانتباه عما يجري في الخارج، ورفضا للإملاءات التي تمارسها إيران على لبنان من خلال "حزب الله".
سئل: الآن رئيس الوزراء المكلف يدعو الى إنجاح المبادرة الفرنسية، والواضح ان فرنسا بدأت تتلمس خيبة الامل. ففي حال لم تترجم هذه المبادرة كما ارتأتها فرنسا، ماذا يمكن ان نتخيل التعامل الفرنسي مع لبنان خصوصا في ظل خيبة الامل التي ستصاب بها؟
اجاب : "لا شك ان لبنان يعاني من هذا الاستعصاء ومن انصراف المجتمعين العربي والدولي عن لبنان بسبب ذلك الانحياز الكبير الذي أصبحت تتسم به سياسة لبنان الخارجية. ذلك مما أصبح يؤدي الى ان يكون لبنان في عزلة عن المجتمعين العربي والدولي، وذلك بسبب الأداء غير المقبول الذي تميز به أداء هذه الحكومة، وبعض الحكومات السابقة، ومنذ عدة سنوات. وكذلك الاضرار التي أصبح يحصدها لبنان بسبب هذا الاطباق الذي يمارسه "حزب الله" على الدولة اللبنانية. وأنت تعلم أن الإيرانيين لم يتورعوا عن التباهي بأن لإيران ما يسمى وجودا قائما ومسيطرا في لبنان وفي العراق وفي سوريا وفي اليمن. وبالتالي نحن الآن نعاني من هذه المشكلة ويعاني لبنان من انصراف المجتمعين العربي والدولي عن لبنان".
اضاف: "إن هذا ما يتطلب من اجل الإنقاذ ان يصار الى تصويب البوصلة الداخلية والبوصلة الخارجية للبنان حتى يعود لبنان جزءا من العالم العربي وجزء من العالم، لا ان يبقى ويستمر أسير تلك الاملاءات والاطباق الذي تمارسه ايران على لبنان. إذ أنه وفي حال عدم القيام بذلك فإن لبنان، سوف يتعرض لمشكلات خطيرة جدا ليس فقط على الصعد الاقتصادية والمالية والنقدية بل أيضا على الصعد الأمنية. لان لاستمرار حال الانهيار نتائج وبيلة وخطيرة جدا على جميع اللبنانيين. وذلك إذا لم يعمد لبنان وفورا لتصويب بوصلته الداخلية وبوصلته الخارجية، والمبادرة فورا أيضا إلى سلوك طريق الإصلاح الذي استعصى عليه الكثير من السياسيين والأحزاب الطائفية والمذهبية والميلشياوية على مدى العقدين الماضيين وامتنعوا عن سلوك هذا الطريق الصحيح، ليس لعدم قدرة بل لعدم توفر الرغبة أو الإرادة للقيام بذلك. وهذا هو المسار الوحيد الذي فيه انقاذ للبنان".
وتابع: "لذلك، فقد كان مجيء الدكتور أديب كرئيس مكلف من اجل ان يتولى حكومة مصغرة للإنقاذ، ومن غير الحزبيين المنتمين إلى الأحزاب العاملة في لبنان، وأن يكون التأليف على أساس التداول والمداورة في الحقائب الوزارية لماذا؟ لأنه وخلال السنوات الماضية أصبح لبنان يعاني ويشكو من ممارسة ممجوجة ومرفوضة من قبل السياسيين اللبنانيين في ان كل حزب طائفي ومذهبي ومليشياوي أصبح يصر ويحتفظ لنفسه بحقائب وزارية وبإدارات معينة. وهذا هو السبب الأساسي للفساد والافساد الحقيقي الذي يتعرض له لبنان، والذي هو في أساسه فساد سياسي. إذا مسألة التداول في الحقائب الوزارية هي الطريق الواجب سلوكه إلى ما يسمى الرجوع إلى التزام قواعد الحوكمة الصحيحة في إدارة الشؤون العامة في لبنان".