#الثائر
كتبت صحيفة " الشرق الأوسط " تقول : أدانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، في جلسة النطق بالحكم يوم أمس، سليم عياش ، المتهم الرئيسي باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ، فيما أعلنت براءة المتهمين الآخرين الثلاثة، وهم حسن حبيب مرعي وأسد حسن صبرا وحسين حسن عنيسي "لعدم كفاية الأدلة"، بعدما كانت المحكمة قد توقفت عن تعقب المتهم الخامس مصطفى بدر الدين بعد إعلان "حزب الله" مقتله في سوريا عام 2016، وحددت المحكمة يوم 21 سبتمبر (أيلول) موعداً لإصدار العقوبة بحق عياش الذي حوكم غيابياً كبقية المتهمين الآخرين.
ورغم اعتراف رئيس الحكومة اللبناني السابق سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، بأن "توقعات الجميع كانت أكبر مما صدر" في حكم المحكمة الخاصة بلبنان المنتظر منذ 15 عاماً لإدانة من قتل والده، إلا أنه أكد قبوله بالحكم الذي لم يدن إلا متهما واحدا من الأربعة، فيما برأ الثلاثة الآخرين.
وخرج الحريري من قاعة المحكمة بعد الانتهاء من تلاوة ملخص الحكم الصادر عن الغرفة الأولى، إلى الساحة الخارجية، حيث كان يتجمع الصحافيون، ليرمي الكرة في ملعب "حزب الله" ويدعو التنظيم إلى تسليم المتهم سليم عياش، المدان الوحيد باغتيال والده عام 2005، وقال الحريري الذي بدا مسالما ولكن بحزم إن "التضحية يجب أن تكون اليوم من (حزب الله) الذي أصبح واضحا أن شبكة القتلة خرجوا من صفوفه"، مضيفا أنه "لن يستكين قبل أن يسلموا للعدالة وينفذ فيهم القصاص".
وكانت المحكمة الخاصة بلبنان والتي تتخذ من لايدشندام الواقعة في ضواحي لاهاي مقرا لها، قد أصدرت حكمها أمس على المتهمين الأربعة في جريمة اغتيال الحريري بعد 11 عاما على بدء عملها في عام 2009 ووجدت المحكمة أن سليم عياش المتهم الرئيسي بعملية الاغتيال مذنب في كل الاتهامات الموجهة له والتي تتعلق بالتخطيط لتنفيذ عمل إرهابي وقتل رفيق الحريري و21 شخصاً آخرين، وأيضا محاولة قتل أكثر من 220 شخصا آخر أصيبوا خلال التفجير.
وبرأت المحكمة في حكمها الذي امتد على 2600 صفحة، المتهمين الثلاثة الآخرين حسين عنيسي وحسن مرعي وأسد صبرا المتهمين بالتواطؤ لتنفيذ الجريمة، وقالت في مقتطفات تليت في جلسة أمس، بأن قضاة غرفة البداية وجدوا أن الأدلة المقدمة من الادعاء لم تكن كافية لإثبات تورطهم في الجريمة.
واعتمد المدعي العام بشكل أساسي على بيانات هواتف خلوية من مكان الاغتيال وفي الأسابيع والأشهر التي سبقت الاغتيال ليبني قضية على أساس أن الحريري كان مراقبا لأشهر من عناصر في "حزب الله" وبأنهم نفذوا عملية الاغتيال في 14 فبراير (شباط) 2005.
وقبلت المحكمة بالدوافع التي حددها الادعاء والتي دفعت المتهمين، أو المتهم المدان في تنفيذ عملية الاغتيال، والتي تتعلق بدافع سياسي. وقال القاضي إنه "لا دوافع شخصية" في عملية الاغتيال تلك. ورغم أن قضاة الغرفة الأولى اعترفوا كذلك بأنه كانت هناك "دوافع لسوريا و(حزب الله) باغتيال الحريري"، إلا أنهم قالوا بأن "لا أدلة تثبت تورط قيادة (حزب الله) أو سوريا بعملية الاغتيال".
وأمضى قضاة الغرفة الأولى البالغة عددهم 3.5 منهم ثابتون و2 من المناوبين، عامين تقريبا في دراسة الأدلة التي قدمها الادعاء خلال المحاكمة التي تمت بشكل غيابي وانتهت في صيف العام 2018، وتضم غرفة الدرجة الأولى قاضيين دوليين وقاضية لبنانية وتوصلت لقرارها الذي أدان عياش وبرأ عنيسي وصبرا ومرعي بالإجماع.
وكانت المحكمة الخاصة بلبنان قد بدأت عملها عام 2009 بعد عامين على قرار مجلس الأمن تأسيسها تجاوبا مع طلب الحكومة اللبنانية. وأصدر المدعي العام قراره الاتهامي عام 2011 والذي ضم في الأساس القيادي في "حزب الله" مصطفى بدر الدين ولكنها أسقطت ملاحقته عام 2016 بعد أن أعلن "حزب الله" مقتله في سوريا أثناء قتاله إلى جانب قوات النظام السوري. وفي العام 2012 قررت المحكمة محاكمة المتهمين غيابيا بعد تعذر القبض على أي منهم وتواريهم عن الأنظار، وانطلقت المحاكمة بعد عامين من ذلك لتنتهي عام 2018، ولكن في حكم أمس، تلا القاضي أيضا التهم الموجهة لبدر الدين وقال بأن الأدلة لم تثبت بأنه كان "العقل المدبر" للعملية كما قال الادعاء. وبهذا، أسقطت المحكمة الخاصة بلبنان مذكرات التوقيف الدولية عن المتهمين الثلاثة الذين تمت تبرئتهم، فيما سترسل نسخة عن الحكم للسلطات القضائية اللبنانية بحق المتهمين الأربعة. وكانت السلطات اللبنانية القضائية ما زالت تقدم تقارير شهرية للمحكمة الخاصة في لبنان تتعلق بجهودها للعثور على المطلوبين. ورغم أن المدعي العام تحدث عن تورط أكثر من ثلاثين شخصا في اغتيال الحريري، إلا أنه لم يصدر إلا 5 مذكرات توقيف أسقطت واحدة منها كانت بحق بدر الدين بسبب مقتله.
ويمكن للمحامين الذين عينهم مكتب الدفاع أن يستأنفوا القرار الصادر لدى غرفة الاستئناف خلال شهر، وفي هذه الأثناء يدرس القضاء العقوبة التي سيتم إنزالها بعياش ويعلن عنها في جلسة خلال الأسابيع المقبلة. وتعتمد المحكمة بجزء منها على القانون اللبناني وهي ستطبق قانون العقوبات اللبناني من دون عقوبة الإعدام. ويمكن أن تصل عقوبة عياش للسجن مدى الحياة، ولكنها عقوبة مثل المحاكمة ستبقى غيابية طالما يبقى "حزب الله" متمسكا بقراره رفض تسليمه.