#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
أصبح قطع الطُرق من قِبل المواطنين شائعاً في لبنان للأسباب الهامة أو البسيطة والتافهة وربما دون سبب أحياناً. ويُصرُّ البعض عليه رغم أنه لم يعطِ أية نتيجة إيجابية، ولم يُحقق مطالب المحتجين، ولا يُزعج المسؤولين في قصورهم ومواكبهم التي تجتاح الطرقات والمواطنين .
وحده المواطن يدفع ثمن قطع الطرق، ويعاني لساعات من الأختناق والزحمة وخسارة الوقت والعمل، ويتحول إلى «فشّة خلق» للمحتجين، الذين لا يجدون سوى هذا الأسلوب للتعبير عن رأيهم والمطالبة بحقوقهم .
طبعاً إن سلوك الدولة والمسؤولين يثير الدهشة في العديد من المواضيع. فهي تحتاج إلى الدفاع المدني، وتتعاقد مع مواطنين يقومون بواجباتهم على أكمل وجه، ثم ترفض منحهم حقوقهم وفقاً للقانون، وتترك مصيرهم وعائلاتهم مجهولاً حتى في أصعب الظروف .
تُجري الدولة إمتحانات للتوظيف، وتُعلن النتائج، ثم ترفض توظيف الناجحين، بانتظار تفسير المادة ٩٥ من الدستور، العالقة في المجلس النيابي وكأنها طلسم غير مقرؤ، كما هو الحال بالنسبة للناجحين في مجلس الخدمة المدنية أو متطوعي الجمارك.
لا خلاف على أحقية المطالب وحرية التعبير عن الرأي التي يكفلها الدستور، لكن أن يتم ذلك بقطع الطرق على المواطنين، فهذا يُشكّل اعتداءً على حرية الآخرين، وتصرفاً مؤذياً لكافة المواطنين، ولا يُحقق مطالب المحتجين .
إن الاحتجاج والتعبير عن الرأي حق، وله شروط وضوابط، ولا يجوز أن يتحول إلى استباحة للقوانين وحرية الآخرين في التنقل، والوصول إلى أعمالهم، وسجنهم لساعات على الطرق، والتسبب في إزعاجهم، فهذا عدا عن كونه ممنوعاً ويعاقب عليه القانون، فهو أيضاً يتجاوز حدود الحضارة، وينقلب غضباً شعبياً على مرتكبيه .
نعم الجميع يقف إلى جانب حقوق المحتجين ومطالبهم المحقة، لكن الجميع ايضاً مع الحفاظ على سلامة وحرية المواطنين على الطرقات، والتي لا يجوز التفريط بها. والقوى الأمنية مطالبة بصون حرية التنقل للمواطنين، ومنع قطع الطرق وتجاوز القوانين، وإحالة مرتكبيها إلى القضاء .
لقد بات قطع الطرق في لبنان عادةً مألوفةً من قِبل أي كان، أينما يحلو له، ولأي سبب شاء، ويستسيغه هواة يعتقدون أنهم يتحولون أبطالاً لمجرد عرض صورهم على شاشة تلفاز. لكن الحقيقة أنهم لا يزعجون سوى عامة الناس، وأهلهم والشعب المسكين .
إن البعض يطالب بتطبيق القانون واحترام حقوقه لدى الدولة، ويقوم في نفس الوقت بانتهاك القوانين، والتعدي على الاملاك العامة والخاصة، ويستبيح حرية الآخرين. فهل هكذا تعالج الأمور؟ وهل هؤلاء هم البديل الجيد للفاسدين الذين يطالبون بإزاحتهم عن السلطة ؟؟؟ .
إن قطع الطرق عدا عن كونه مخالفاً للقانون، هو مظهر غير حضاري، واعتداء على حرية الآخرين، ويسبب نقمة عامة على مرتكبيه، فيا ليتنا نُقلع عن هذه العادة السيئة، ونتعلم كيفية التعبير عن الرأي ، وطرق محاسبة المسؤولين في صناديق الإقتراع .