تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
لبنان: وسيطٌ أم ساحة حرب؟
#الثائر
- ميشال الشمّاعي
ممّا لا شكّ فيه أنّ الأسبوع المنصرم كان حازمًا في التّحرّكات المحليّة والإقليميّة. فهذه المرّة الأولى التي يتحوّل فيها لبنان، ذلك البلد المفعول به إلى فاعل مؤثّر في أزمات المنطقة والعالم. العيون كلّها شاخصة إلى السّاحة اللبنانيّة. لقد نجح هذا البلد الصّغير بجذب كلّ الأنظار إليه حيث لم نسمع أيّ تبشيرات بانتصارات من الميدان السّوري، أو أيّ عراضات جديدة لكلّ الذين يتحرّكون في السّاحة الخليجيّة.
نعم، نجح الرّئيس سعد الحريري باستقالته في إنجاز أمرين:
- الأوّل: تحريف كلّ الأنظار نحو لبنان وليس عنه كما كان قبل الإستقالة.
- الثّاني: تحويل مشكلة حزب الله وسلاحه من لبنانيّة- لبنانيّة إلى لبنانيّة- خليجيّة واستطرادًا دوليّة.
نعم، صارت كرامة تيّار المستقبل ومن ورائه آل الحريري من كرامة كلّ اللبنانيّين، الشّتّامين قبل كلّ الحلفاء والأصدقاء. وتوحّد المجتمع الدّولي كلّه حول لبنان ودوره في السّاحة الدّوليّة. وذلك أتى مصحوبًا بشروط وضعها الرّئيس الحريري، لا بل خارطة طريق تبدأ بعودة لبنان إلى سياسة النّأي بالنّفس التي تمّ إقرارها في إعلان بعبدا الشّهير، التي لم تطبّق يومًا. والعودة عن الإستقالة الحريريّة تتمّ فقط في حالة واحدة، في حال بدأ حوار جدّيّ حول سلاح ودور حزب الله.
لقد دخل الخليج العربي في مواجهة مع الجمهوريّة الإسلاميّة وذلك في محورين عالميّين سرعان ما ستتوضّح معالمهما. التّاريخ قد يعيد نفسه، محور تسيّره الولايات المتّحدة الأميركيّة وآخر روسيا. فهل تقع هذه المواجهة وتكون نهائيّاتها على امتداد رقعة ال 10452 كلم2 ؟ والإستفهام الأكبر الذي يتبادر إلى ذهن كلّ عاقل في هذا البلد، هل يحتمل لبنان كلّ هذه الضّغوطات؟ ولماذا يصرّ فصيل من اللبنانيّين بتصرّفاته، التي تخرج عن إطار فكر الدّولة، أن يُخرج ويفرغ كلّ الدّولة من منظومتها ويجعلها ساحة صراع دوليٍّ؟
هذا السيناريو المرشّح للتّصاعد أكثر فأكثر في الأيّام القليلة القادمة. المطلوب من لبنان الرّسمي الكثير الكثير، لكن الأمر الأهم هو استعادة الدّولة للدّولة. فالمفارقة أنّ هذا الإنقسام العالمي العامودي قد عاد وبضراوة إلى السّاحة اللبنانيّة، لو أنّ البعض يجهد لإخفائه. لكنّه سرعان ما يتبدّى ويظهر من جديد. منهم من يقول بأنّ الإستقالة نافذة ومنهم من لا يعترف بها. منهم من يعتبر السلاح خارج إطار الدّولة سلاحًا شرعيًّا ومنهم من يراه غير شرعيّ، وهذين نموذجين في الإختلاف والأمثلة تتعدّد.
يجب أن يتحمّل الكلّ مسؤوليّاتهم وإلّا وقع المحظور وصار لبنان من جديد ساحة الصّراع. لكن هذه المرّة ليس ضدّ فصائل أو حركات بل ضدّ منظّمات دوليّة وضعت على لائحة الإرهاب العالميّة وبمعايير دوليّة. كلّ ذلك في بلد يتهاوى اقتصاديًّا ويعيش على الهبات العربيّة والباريسيّة لسداد ديونه العامّة. لماذا لا يتحوّل لبنان إلى مركز للحوار في الخلاف العربي – الإيراني لا سيّما وأنّ الطّرفين موجودين على الأراضي اللبنانيّة؟ ولماذا يصرّ بعض اللبنانيّين على تحميل لبنان الدّولة والكيان ما لا قدرة لأيّ بلد أكبر وأقوى من لبنان بمئات المرّات على احتماله؟