إقتصاد

موجة هجرة جديدة ومخيفة!

2024 أيار 20
إقتصاد الجمهورية

#الثائر

د. فؤاد زمكحل-

ثمّة ظاهرة ليست جديدة في لبنان، وهي ظاهرة الإغتراب والهجرة، والتي تسلك في الآونة الأخيرة طريقاً خطرة ومقلقة للوطن والشعب.

إنّ ظاهرة الهجرة والإغتراب، والتي يُواجهها لبنان وشعبه في الوقت الحاضر، وعلى نحو غير مسبوق، ليست جديدة، بل مزمنة، وقد مرّ اللبنانيون فيها منذ مئات السنين، وسيمرون فيها مستقبلاً أيضاً. ولا نزال نذكر موجة «سفر برلك»، منذ نحو 100 عام، حيث كان اللبنانيون يهربون من المجاعة التي عصفت بجبل لبنان تحديداً، جرّاء الحرب العالمية الأولى، ويتوجّهون بالأخص إلى أميركا الشمالية، واللاتينية، ولا سيما بلدان البرازيل، والمكسيك، والأرجنتين، ثم تواصلت هذه الموجات المتتالية حتى وصلنا إلى الجيل الخامس، فيما الهجرة مستمرة وعلى أشدّها.

نذكّر أنّ الموجة الثانية الكبرى من الهجرة، كانت تلك التي شهدها لبنان جرّاء الحرب الأهلية التي إندلعت في العام 1975، حيث هاجر اللبنانيون حينها إلى كندا، أستراليا والولايات المتحدة، فضلاً عن بلدان أوروبية عدة.

هناك موجة مهمّة والتي جذبت اللبنانيين إلى بلدان أخرى عدة، جرّاء فورة الأسعار النفطية والغازية، وقد ساهموا في إعمار وإنماء هذه الدول.

وهناك موجة كبيرة من اللبنانيين الذين هاجروا إلى كل بلدان إفريقيا، وساهموا أيضاً في إنماء هذه القارة، واستثمروا في كل القطاعات الإنتاجية، وتوالت الأجيال في القارات الخمس.

السبب الأساسي للإغتراب والهجرة كان دائماً البحث عن فرص عمل أكثر أهمية للتطور والإنماء، ولتحسين نسبة العيش، وزيادة المدخول.

أما اليوم، فنشهد هجرة واغتراباً، لا يشبهان ما سبق، قبل 100 عام، لأنّ أكثرية المهاجرين باتوا يهربون من الإحباط واليأس وعدم وجود أي نظرة مستقبلية، وقد فقدوا كل الثقة بإعادة البناء والهيكلة والإنماء، فلا يغتربون باحثين عن زيادة رواتبهم وتطورهم المهني، لا بل يقبلون برواتب أقل مما كانوا يتقاضونها في الوطن، وأولويتهم هي فقط العبور خارج حدود الوطن، باحثين عن الإستقرار والأمان.

فالحقيقة المرّة، أنّهم فقدوا كل نظرة ورؤية جديدة في وطنهم الأم، لهم ولعائلاتهم ولأجيالهم المقبلة، وفقدوا الثقة، ليس فقط في إمكاناتهم، لكن فقدوا الثقة بأرضهم ومستقبلهم ومستقبل أولادهم. والمقلق والمخيف أننا نخسر يومياً أصحاب الأدمغة والأيادي الكفوءة وحاملي الشهادات الأكاديمية العالية.

إنّ هذا اليأس والإحباط، قد أوصلا اللبنانيين إلى أن يتسوّلوا أمام جميع السفارات باحثين عن تأشيرات السفر، وسيغادرون إلى أي بلد يمنحهم التأشيرة والسماح لهم بالعمل، وجاهزون بأن يعملوا في أي مجال وبأي مدخول وفي أي بلد، فقط هرباً من النفق الغامض والمظلم الذي يعيشونه في بلدهم الأم.

لا شك في أنّ المغتربين اللبنانيين في الخارج كانوا ولا يزالون، يعود إليهم الفضل الأكبر في تكوين الناتج المحلي بنسبة 20% في الماضي، وقد صاروا يشكّلون في الوقت الحاضر نسبة 40% من هذا الناتج المحلي المتدهور، مما ينعكس إيجاباً على الكثير من العائلات اللبنانية كما على الإقتصاد الوطني الذي لا يزال واقفاً على قدميه جرّاء تحويلاتهم المستدامة.

المخيف والمقلق، أنّ الإغتراب المبني على اليأس والإحباط والذلّ، والتخلّي، لا يفيد الوطن، لا بل يطعن بما تبقّى به. والظاهرة الجديدة التي نشهدها اليوم هي أنّ اللبناني لم يعد يبحث عن التطوير وتحسين نسبة العيش، وفرص العمل، والمدخول، لكن يبحث عن أي أرض آمنة تستقبله، وجاهز بأن يقوم بأي عمل لتأمين لقمة العيش لعائلته، باحثاً عن الأمان والإستقرار، وهارباً من الذل والفساد والإغتيال الذهني.

في المحصّلة، إننا نشجع الإغتراب الإيجابي الذي يساهم في إنماء وطننا، والذي شهدناه في العقود الماضية، أما ما نشهده اليوم فهو إغتراب تخريبي مبني على اليأس وفقدان الثقة، فهذه الموجة الجديدة محبطة ومقلقة لوطننا وشعبنا.

الجمهورية

اخترنا لكم
الراعي بمناسبة الاستقلال: اللبنانيون أقوى من كل الحروب
المزيد
الانتظار الدامي للرد الإسرائيلي: الفجوات مستمرة
المزيد
خسارةٌ غيرُ معلنةٍ!
المزيد
قائد الجيش: لا خوف على الجيش والافتراءات وحملات التحريض لن تزيده إلّا صلابة
المزيد
اخر الاخبار
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة "روتانا" سالم الهندي
المزيد
إنذارات جديدة من الجيش الإسرائيلي إلى سكان الضاحية الجنوبية!
المزيد
بو عاصي: دمج "الحزب" بصفوف الجيش إنهاء للبنان ووحدها الدولة مولجة بوضع إستراتيجية دفاعية
المزيد
ماذا يعني إعلان “الحزب” العودة للعمل السياسي تحت الطائف؟
المزيد
قرّاء الثائر يتصفّحون الآن
الجوع سببٌ قويّ لإثارة الغضب
المزيد
عبدالله: سنمارس دورنا الرقابي على معملي الناعمة ورشميا
المزيد
الناطق باسم الحكومة هو رئيسها.. مولوي: لا نقبل بأن يكون لبنان معبرًا لأي شرّ يصيب العرب
المزيد
توقيف سارق الكنائس والمطلوب بأكثر من 100 مذكرة قضائية
المزيد
« المزيد
الصحافة الخضراء
"واتس آب" يطلق ميزة جديدة لتسهيل المراسلات الصوتية في الأماكن الصاخبة
فيديو.. بسعر 6.2 مليون دولار.. بيع أغلى "موزة" في التاريخ
سابقة.. أول صورة مفصّلة لنجم في مجرّة أخرى غير درب التبانة
الحاج حسن: أضرار القطاع الزراعي هائلة ومسح جوي لتقييم الخسائر بالتعاون مع الفاو
بعد إخبار رازي الحاج... إلقاء القبض على ٤ أشخاص
إتّفاقيّة تعاون بين جمعيّة "غدي" والمركز التربوي للبحوث والانماء