#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
قانون الكابيتال كونترول تحوّل إلى وسيلة لتنفيذ مآرب عديدة. فبين الشعبوية، والمزايدات في الرغبة بالحفاظ على حقوق المودعين، طار القانون، واستمرت الفوضى والبلطجة من قبل المصارف، بغطاء وهندسة حاكم البنك المركزي، حيث يتم اقتطاع نسبة تصل إلى أكثر من ٧٠٪ على السحوبات من الودائع بالدولار. إضافة إلى احتجاز الودائع، وتصفير الفوائد عليها منذ ١٧ تشرين ٢٠١٩.
تحت شعار أن الكابيتال كونترول سيطيح بالودائع، سرت الشائعة كالنار في الهشيم بين المواطنين، الذين تداعوا للاعتصام أمام مجلس النواب، في مشهد يستعيد ثورة السنتات الست على الواتس اب، تلك الشرارة التي أشعلت الثورة، وجميعنا يعرف جيداً أين وصل لبنان، بعد أن رفض الجمهور الغاضب، الاصلاحات المالية التي كانت عازمة على تنفيذها حكومة سعد الحريري، الذي ما لبث أن استقال يومها، إرضاءً للشارع، وسعياً لكسب الشعبوية.
اتهام لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ، بأنهما يسعيان لتمرير الكابيتال كونترول. وفي المقابل اصطفاف معارض، للتيار الوطني الحر، والقوات، والاشتراكي. وتعداد لشوائب القانون المقترح، وهجوم على اللجنة المزمع إنشاؤها، بصلاحيات الأحكام العرفية، وكل هذا صحيح ومُحقّ، لكن القطبة المخفية والجوهرية في الأمر، هي أن القانون سيفرّق بين صغار المودعين وكبار المودعين، وهذا الأمر يرفضه طبعاً أصحاب الملايين. وكما جاء على لسان النائب جورج عدوان، أنه يرفض هذا الأمر، باعتبار أن الوديعة وديعة، كبيرة كانت أم صغيرة.
بمعنى آخر الأغنياء يرفضون المس بودائعهم، ولهذا السبب جيّشوا في الشارع، وامتطوا ظهور صغار المودعين، الذين في حال عدم إقرار الكابيتال كونترول، سيستمرون بسحب القليل الذي تبقى من ودائعهم في البنوك، وفق تعاميم حاكم المركزي، وهيركات تفوق ٧٠٪ .
الحقيقة لا أحد يريد إقرار قانون الكابيتال كونترول، لا المؤيدين الشكليين، ولا المعارضين، من نواب ومسؤولين. وتظاهرة غد الثلاثاء، هي تبرير لعدم إقراره، وإخراج من السلطة لسيناريو تحميل المسؤولية للمودعين، وفي ظل واقع الفوضى يستمر القضاء على ودائع صغار المودعين.
لو أراد المسؤولون إقرار الكابيتال كونترول لفعلوا ذلك منذ أمد بعيد، وفي أسوأ الأحوال لفرض النواب صيغة جديدة، وأقروا التعديلات اللازمة، وأجبروا الحكومة على التقييد بالقانون.
لكنها خطة محكمة لتشتيت الانتباه، فلا أحد يسأل عن الأموال المنهوبة، ومحاسبة من اعتدى على المال العام. ولا أحد يسأل عن الصفقات، والأهم من ذلك، أن الحديث يدور فقط حول مبلغ ٦٠ مليار دولار، أودعتها المصارف لدى البنك المركزي، والكل تناسى أن حجم الودائع كان عام ٢٠١٩ أكثر من ١٧٤ مليار دولار .
فأين ذهبت الأموال المتبقية، وماذا فعلت المصارف بمبلغ ١١٤ مليار دولار المتبقية من الودائع؟؟؟
غوغائية واستغلال للشارع بأهداف مبيتة. وعناصر تدّعي الثورة والتغيير، وتعتدي على الممتلكات العامة والخاصة، ولا أحد يعلم من كلّف هؤلا النطق باسم الشعب اللبناني، وإصدار الأحكام العرفية، والاعتداء على كرامات الناس، وتعليق المشانق، وقطع الطرق والأرزاق.
لكم لبنانكم ولنا لبناننا
لقد أعلنّا الثورة منذ عام ٢٠١٧ . أعلنّا ثورة سلمية فكرية عقلانية، أعلنّا ثورة الوعي والعلم وكلمة الحق، أعلنّا ثورة المحاسبة في القضاء وليس في الشارع وعلى الطرقات، أردنا ثورة يقودها المثقفون والنخبة المخلصة بالكفاءة والنزاهة والاستقامة ، أردنا ثورة وطنية على الطائفية والمذهبية، اردنا ثورة تحترم تضحيات الذين سبقونا من رجالات حملوا هموم الوطن على أكتافهم، وناضلوا بصدق، ودفعوا لأجله الكثير في حياتهم .
لقد أخذ البعض الثورة مطية للوصول إلى مراكز السلطة، ولوائح الترشيحات النيابية التي لا تُعد ولا تُحصى من قبل هؤلاء، الذين لديهم بعض المال المشبوه، والذين أفشلوا الثورة الحقيقية، خير شاهد على ذلك.
لكم لبنانكم ولنا لبناننا، ولكم ثورتكم ولنا ثورتنا. لقد بدأنا قبلكم بزمن لنكمل مسيرة الأحرار في هذا الوطن، وسنستمر بعدكم مع كل الشرفاء والمثقفين والمخلصين، لبناء لبنان، وطن الحضارة والسلام والإزدهار والقانون.