تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ميشال الشمّاعي -
نأي بالنّفس منئيٌّ به عن التّطبيق أساسًا. والحجج الواهية تتعالى. من البدهي أنّ موضوع النّأي بالنّفس من العدو الإسرائيليّ لا تشمله هذه الحالة التي تمّ حصرها فقط بالصّراع الدّائر في المنطقة. لكن عبثًا تفعل الدّولة ليصار إلى ضرب هذا المفهوم الجديد بعرض الحائط في كلّ مرّة. فهل هذا الإنحراف عن المسار الحقيقي للدّولة سيهدّد الواقع الأمني للكيان اللبناني؟
جلسة حامية لمجلس الوزراء جرت على وقع تطوّرات إقليميّة لا يمكن إلّا وأن تؤثّر في الوضع اللبناني. فالإستقرار السّياسي الهشّ الذي يحكم البلد اليوم مشروط بالإذعان لقرارات حزب الله فيما يتعلّق باستراتيجيّة الدّولة اللبنانيّة. فما صرّح به الأمين العام للحزب حول دور حزبه الإستراتيجي، ودور الدّولة الذي يقتصر فقط ببعض الملفّات الحياتيّة الإجتماعيّة البسيطة قد حدّد استراتيجيّات المرحلة القادمة.
أمّا بعد، فالإنتخابات النّيابيّة القادمة هي الهدف المنشود للإنقضاض على الدّولة كلّها. فممّا لا شكّ فيه أنّ تيّارين يتنافسان على السّيطرة في لبنان. إمّا أن يعود لبنان شارل مالك، لبنان الحريّة، لبنان حقوق الإنسان، لبنان يوحنّا بولس الثّاني، لبنان الرّسالة، لبنان الجبرانين : جبران خليل جبران وجبران تويني، وإمّا أن يصبح لبنان رسميًّا الوجه الفارسي للجمهوريّة الإسلاميّة الثّانية في الشّرق.
ومجدّدًا يعاد طرح موضوع الصلاحيّات في لبنان. فالرّئيس القوي يسعى جاهدًا لاستعادة ما سلبه منه الإتّفاق الذي رفضه منذ قرابة الثلاثة عقود. في مقابل ذلك، يسعى دولة الرّئيس برّي إلى تكريس عرف التّوقيع الثّالث. أعني توقيع وزير الماليّة الشّيعي على المراسيم. مع العلم أنّ وزير الماليّة في عهد الحكومات الحريريّة الأب كان دولة الرّئيس فؤاد السّنيورة. وباستعادة هذه الوزارة إلى الحاضنة الشّيعيّة، يسعى دولته لتكريسها عرفًا خاصًّا بالطّائفة الكريمة. ومقابل ذلك هنالك رأي دستوريّ قائل بأنّ الدّستور لا يتحدّث عن توقيع وزير المال.
وتعالت أصوات دعت لإحضار مرتزقة لإعادة فتح جبهة الجنوب اللبناني مجدّدًا. ومن الطّبيعي أنّ هذه المسألة ستكون على حساب السّيادة اللبنانيّة كما كانت بعد اتّفاق القاهرة المشؤوم في العام 1969. وهذا ما يرفضه أيّ منطق سيادي دستوري لأيّ دولة في العالم. حان الوقت للإعتراف بمسألة من اثنتين: إمّا هنالك دولة موجودة بكلّ ما للكلمة من معنى، وإمّا أن تغيّب الدّولة لحساب ملوك الطّوائف. وعندها على لبنان السّلام.
لكن هنالك مؤشّرات جديدة بدأت تظهر في المنطقة بعد أن تحرّك الشّارع الإيراني من الدّاخل على وقع الاحتجاجات التي بدأت لأسباب اقتصاديّة – اجتماعيّة، وبدأت تلوح في الأفق بوادر اعتراضات سياسيّة. فهل سيستطيع النّظام الأمني الإيراني أن يقمع هذه التّحرّكات؟ أم أنّها كرة ثلج ولن تتوقّف إلّا عند الإصطدام الكبير؟ وهل ستتأثّر أذرع إيران في المنطقة بعدما بدا أنّ القرار الدّولي قد اتّخذ بقطعها؟