تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر_ميشال_الشمّاعي
انشغل لبنان في الأسبوع الفائت بإدخال نفسه في عالم النّفط والغاز بعد إقرار مجلس الوزراء فيه تلزيم بلوكين في البحر. وسرعان ما ابتدأت التّهليلات من ناحية والإنتقادات من ناحية أخرى. بالمقابل بدأت أزمة لبنانيّة – سعوديّة تلوح في الأفق على خلفيّة كلّ ما جرى بعد استقالة دولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري. والعالم ما زال في حالة غليان على خلفيّة قرار الرّئيس الأميركي بنقل السّفارة الأميريكيّة إلى القدس وما لحقه من تبعات.
لقد تجاوز لبنان كلّ الأزمات التي كانت تعصف به طوال عقد من الزّمن وذلك باتّفاق بين ساسته لتقاسم ما يمكن تقاسمه من حصص في الملف النّفطي. من هنا، جاء العمل بطريقة مزدوجة على الملفّين : الأمني والإقتصادي (النّفطي تحديدًا). طرفٌ ضبط الأمن وأعاد السّتاتيكو الذي كان سائدًا، مقابل طرف آخر يسّر الإتّفاق اقتصاديًّا على ما يمكن تقاسمه في الملفّ النّفطي. فجاء الإنتصار الإقتصادي الذي كان منتظرًا منذ سنين.
وعلى هامش الملفّ النّفطي، تمّ تطويق كلّ من شكّل بتعاطيه السياسي، طوال فترة تواجد الحكومة، هدفًا للتطويق وصولًا حتّى التّطويع. من هنا، جاءت الحملات كلّها من كلّ حدبٍ وصوب على القوّات اللبنانيّة، لكنّها نجحت بتجاوز هذه العاصفة السياسيّة التي هبّت عليها، كما أنّها نجحت بتعديل التّسوية السّياسيّة من دون أن تسمح لغريمها، حزب الله بتوسيع حركته المسلّحة على حساب سيادة الدّولة. والأهمّ أنّها استطاعت البقاء في الحكومة بغضّ النّظر عن كلّ الأقاويل التي صدرت عن إمكانيّة عزلها.
أمّا بالنّسبة إلى تأييد الأخيرة لملفّ النّفط فقد أثبتت أنّ طريقة تعاطيها في السياسة الوطنيّة يتمّ على أسس ومعايير قانونيّةواضحة، وهذا ما أسقط مقولة معارضتها الدّائمة لقرارات التّيّار الوطني الحرّ. وهذا لم يمنع محافظتها على الموقف نفسه من ملفّ الكهرباء بحيث صرّح رئيسها بتمسّكه بملاحظات دائرة المناقصات للوصول إلى دفتر شروط جديد يوفّر الشفافيّة والإستقامة.
لذلك كلّه، دخل لبنان في هدنة مع متصارعيه في محاولة لتقطيع فترة الأعياد، وترقّبًا للسّياسة الدّوليّة التي تشهد تقلّبات جمّة. لكن يجب الإشارة هنا إلى تعكّر صفو العلاقات اللبنانيّة – السّعوديّة على خلفيّة تعاطي الأخيرة مع استقالة الرّئيس الحريري، كذلك لما نجح به إعلام الثّامن من آذار من حيث إخراج الأزمة وتصوير السّعوديّة بموقع المعتدي على السّيادة اللبنانيّة. وهذا ما لن تهضمه المملكة. من هنا، نفهم إدانتها للنّظام الإيراني لخرقه الصّارخ للقرارات والأعراف الدّوليّة، بما فيها قراري مجلس الأمن 1559 و 1701 . في المقابل، أعطت الرّياض الفرصة للتّسوية الجديدة لأنّها اكتفت بما أشارته إلى القرارين الدّوليّين من دون المسّ بها، لا سيّما وأنّ موقفها هذا قد تطابق مع موقف بيان مجموعة الدّعم الدّوليّة الذي كان قد أحيا القرار 1559.
وذلك كلّه وسط حماوة انتخابيّة بدأت بالتّسارع من خلال إعلان ترشيحات جديدة ما يؤشّر أنّ الإنتخابات ستتحوّل إلى الحدث رقم واحد في البلد إلا في حال حدوث أيّ طارئ مبنيٍّ على تحرّكات مرتقبة في محاولة للردّ على القرار الأميركيّ بتهويد القدس. وهذا ما سيعرّض التّسوية الجديدة للخطر. فهل من يستطيع تحمّل إرجاع لبنان لسنين ضوئيّة مقابل الإحتفاظ بالقرارات الإستراتيجيّة للدّولة؟ وهل من يحتمل إهدار الفرص الجديدة ما بين التّسوية والتّرقّب تحت ذريعة " لو كنت أعلم" القديمة ؟