تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
#الثّائر_ميشال_الشمّاعي
ما إن تهدا في مكان حتّى تستَعِر في آخر. لكأنّ قدر منطقة الشّرق الأوسط أن تبقى أرضًا خصبة للنّزاعات والحروب. تشتعل في اليمن فتهدأ في سوريا. واليوم هل تتحضّر الجبهة النّائمة في الأراضي المحتلّة لانتفاضة جديدة بعد الخطوة التي أقدم عليها الرّئيس الأميركي دونالد ترامب؟ أم أنّ الجبهات المستعرة أصلًا ستزداد اشتعالًا؟
لا يستطيع أيّ مراقب أو متابع للشأن السياسي إلا أن يتوقّف أمام خطوة الرّئيس ترامب. وهذ خطوة متعمَّدة ومعمَّدَةٌ بالدّماء. فهو يدفع سلفًا لليهود. لقد قدّم خدمة لهم انتظروها لقرون من الزّمن ولم تتحقّق، إنّما تحقّقت بلحظة زمنيّة يتهيّأ فيها العالم لمزيد من المواجهات. فالعرب مصرّون على إثبات عروبتهم في المنطقة، والفرس مزمعون استعادة أمجاد الماضي. فبعد اغتيال الرّئيس صالح ينتفض التّحالف العربي ويطلّ على أبواب الحديديّة لاستعادة كرامته.
أمّا في سوريا فبعد إعلان القوّات الرّوسيّة الإنتهاء من داعش وبالتّالي انتهاء الحرب، لا زالت طائرات النّظام تدكّ بعض المواقع بحجّة محاربة الإرهابيّين. والرّئيس الأسد سيفاوض من منطلق المنتصر في حربه. أمّا ميليشيات إيران فبعد أن سدّدت دينها ستعود إلى حيثما أتت. وأوّل باكورة العودة ستكون عودة حزب الله إلى لبنان. وسرعان ما عاد وأطلّ على الجبهة الجنوبيّة بجولة عسكريّة لمرتزقة من أترابه، سدّد بواسطتها الضّربة الأولى لتسوية النّأي بالنّفس القديمة- الجديدة.
وعودة الحزب إلى لبنان شكّلت عودة للفرس إلى السّاحة، قيس الخزعلي وسرايا السّلام تركا توقيعًا فارسيًّا دامغًا على الحدود سوف لن تُحمَد عقباه إذا لم يتمّ تطويقه من قبل الدّولة اللبنانيّة لتثبيت سياسة النّأي بالنّفس الجديدة. أمّا لبنانيًّا فترتسم تحالفات جديدة على الساحة السياسيّة، لذلك ننتظر لقاءات جديدة بين حلفاء قدماء عسى أن يتمّ عبرها رأب الصّدع الذي أصاب علاقاتهما.
وممّا لا شكّ فيه أنّ السّاحات الدّوليّة في اتّساع مطّرِد، تارة في الشّرق الأدنى، وطورًا في القارّة العجوز. وبين أوروبا المتهاوية إثنيًّا واقتصاديًّا والشّرق الأدنى المتصاعد بالستيًّا ونوويًّا مساحات قد تجمعها المصالح المشتركة. فالرّوس اليوم يبحثون عن أحلاف دوليّة جديدة تمكّنهم من التحكّم اقتصاديًّا أكثر فأكثر بسياسة القارّة العجوز التي يعتبرونها ملعبهم الخلفيّ. فتجارة الغاز الموعود في الشّرق الأوسط قد تحرّر أوروبا من هيمنة روسيا في حال خسرت هذه الأخيرة السّوق الموعودة في بلاد الشّام. من هنا، يبدو جليًّا السّبب الذي دفع بالرّوس إلى دعم الأسد لتثبيت قاعدتهم على المتوسّط بغية تحويلها إلى منطلَقٍ اقتصاديٍّ استثماريٍّ في المستقبل القريب.
والقلق الأميركيّ يتزايد من تمدّد أذرع إيران، حزب الله تحديدًا، إلى أميركا الجنوبيّة، وعلى ما أبداه نائب الوزير الخارجيّة الأميركي، جون سوليفين، أنّ الولايات المتّحدة سوف لن تترك الحزب ليعبث في حديقتها الخلفيّة. فهل سندخل في مرحلة جديدة من الصّراعات الدّوليّة، في ظاهرها عسكريّة ذات نفوذ، وفي باطنها اقتصاديّة بحتة؟ وهل يحتمل لبنان ال 10452 كل2 المزيد من التّنافس على قضمه إقليميًّا ودوليًّا؟ وهل يجسّد الشّرق الأوسط أرض صراع الحضارات التي تحدّث عنها البروفسور "صمويل هنتغتون" في أطروحته، "صراع الحضارات" التي صرّح فيها علنًا بأنّ الحرب المقبلة ستكون بسبب الإختلاف الثّقافي، والدّيني بين الحضارات الكبرى في العالم؟