تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ميشال الشمّاعي -
أسبوع لم يخلُ من المفاجآت، وليس آخرها استقالة رئيس الحكومة في لبنان الشيخ سعد الدين الحريري، وما تبع هذه الإستقالة من تطوّرات إقليميّة لم تقلّ أهميّة عنها، من حيث مدى تأثيرها في السياسة العامّة للمنطقة. فهل سيتمّ إقفال هذا الملفّ عند هذا الحدّ، ليتمّ متابعة الحياة السياسيّة اللبنانيّة كما يقتضيه الدّستور اللبناني؟ وهل ستمضي قدمًا المملكة العربيّة السّعوديّة بتهديداتها لإيران وحزب الله؟ وهل ستكون المباراة النّهائيّة على الأراضي اللبنانيّة؟
صحيح أنّ الإستقالة أتت مفاجئة بالشّكل لكنّها لم تفاجئ بعض الوزراء اللبنانيّين الذين كانوا قد سبقوا الرّئيس الحريري بتلويحهم بالإستقالة لأنّ حكومته لم تعد تلتزم بالحدّ الأدنى من لبنانيّتها. أمّا الذين اعتقدوا لوهلة بأنّ لبنان بحكومته بات ملك يديهم، فقد صعقوا من هذه الصّفعة الحريريّة، الذين حاولوا تحويلها بإعلامهم الأصفر إلى صفقة حريريّة. لكن حتّى هذه السّاعة على الأقلّ، فالفشل نصيبهم.
ولا يمكن للقاصي والدّاني أن يقبل بالوضع الشّاذ في لبنان، الذي سعى جاهدًا لتحويل الإستثناء إلى قاعدة. إلا أنّ التّاريخ لا يخرج عن مساره المنطقي، وإن لم يكن هذه السّنة ففي السّنة المقبلة. لكن هذه المرّة بعد أن عمل اللبنانيّون لأكثر من عقد من الزّمن على إعادة الأمور إلى نصابها المنطقي، باءت كلّ محاولاتهم بالفشل، ولقد آن أوان الكيّ الإقليمي والدّولي بعد فشل كلّ الأدوية المحليّة الصّنع.
لن يستطيع العهد أن يرجع مسار الحياة السياسيّة إلى طبيعته، وهذا ما تجلّى على الأقلّ بعد زيارة الرّئيس الأسبق للحكومة نجيب ميقاتي لدار الإفتاء، حيث أظهر جليًّا وحدة الشّارع السنّيّ. فمن سيجرؤ من هذا الشّارع على أن يكون ملكًا إنكليزيًّا في السّراي يملك ولا يحكم؟ على ما يبدو في الأفق، الإسم غير موجود، على الأقلّ في المدى المنظور.
أمّا إقليميًّا ودوليًّا فالتّغييرات المفاجئة في المملكة العربيّة السّعوديّة تنبئ بشيء ما يحضّر في المنطقة. فالإرهاب الذي تمثّل طيلة أكثر من خمس سنوات بجزء من الطّائفة السنيّة قد سقط في المعارك الأخيرة لداعش في دير الزّور. من هذا المنطلق، سارع الفريق السّعودي ليطلق عمليّة إنهاء الإرهاب الشّيعي الذي يراه متمثّلا في إيران وحزب الله والحوثس وكلّ من ناصرهم. فالمملكة تحاول تصوير نفسها اليوم بمحاربة الإرهاب في المنطقة لتحلّ توازن رعب جديد مع إيران بعد تمدّدها في الشّرق الأوسط. لكن من يعلم؟ هل ستكتفي المملكة بكفّ يد الإرهاب الفارسي في المنطقة؟ أم أنّها ستذهب إلى حدّ ضربه في عقر داره؟
وفي ظلّ هذه التطوّرات، يبقى لبنان الخاضع الأوّل لكلّ التّجاذبات التي تحدث في المنطقة؛ من تهديدات العدوّ الإسرائيلي كلّ لحظة، إلى التّهديدات السّبهانيّة – السّعوديّة المستجدّة مرورًا بتهديدات اقتصاديّة يئنّ تحت نيرها الإقتصاد اللبناني، الذي بات بحاجة إلى عمليّة تصفير( من صٍفر) وليس تصفير (من اللون الأصفر). فهل سيصمد العهد الجديد في لبنان في ظلّ العهد الجديد في المنطقة والعالم؟ وهل يحتمل العهد الجديد أن يستضيف المباراة النّهائيّة على أرضه؟