تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ميشال الشمّاعي -
دقّت ساعة الحسم في المنطقة. فالتّسوية آتية لا محالة، إن لم يتغيّر شيء في موازين القوى. وهذه التّسوية تفرض ضرب الموازين في مكان ما. ولم يعد ينفع مواجهة النّار بالهواء. فالنّار ستواجه بنارٍ أشدّ استعارًا، والقوّة بالمزيد من القوّة. فهل ستتحوّل السّاحة في لبنان إلى موضع ومنطلق لا استقرار في المنطقة، لا سيّما وأنّ كلّ المؤشّرات من حول لبنان تنبئ بذلك؟ أم أنّ العهد الذي أرجع الإستقرار إلى الدّولة اللبنانيّة، ولو جزئيًّا، سينجح في تجنّب هذه الحالة الجنونيّة؟
بعد العقوبات الأميركيّة الأخيرة على إيران وحزب الله، وبعد التّصريحات الإسرائيليّة الأخيرة عن ربط نزاع الحزب مع الجيش في لبنان، وبعد سقوط استفتاءين انفصاليين في العالم لعدم رضا الولايات المتّحدة عن انبثاق الدّولتين الجديدتين، يأتي هجوم سعوديّ جديد على كلّ من إيران وحزبها في لبنان. فما حدث في لبنان طيلة الثلاثة عقود المنصرمة لن تسمح السّعوديّة بحدوثه على حدودها في اليمن، ليتحوّل الحوثي كحزب الله بالنّسبة إلى عدوّته إسرائيل. فهل القرار الذي تمّ أخذه عالميًّا قد صُدِّق عليه إقليميًّا؟
وفجأةً استيقظت الدّولة في لبنان، لكن هذه المرّة لإزالة مخالفات البناء في حيّ السلّم، معقل حزب الله. قد يكون الحزب من أذن لها بذلك، أو قد تكون الدّولة قد استغلّت هذه اللحظة لتستعيد شرعيّتها وحضورها المفقودين بفعل قوّة الحزب العسكريّة. لكن الملفت في هذه المسألة، كان ردّ فعل النّاس العفوي الذي تُرجم على شكل شتائم وإهانات وجّهت للمرّة الأولى من أهل البيئة الحاضنة للحزب، ولأمينه العام، الرّمز، الذي لم يمسّ طيلة حياته بعد.
وما لفت في هذه "الفشّة خلق" ردّة فعل الحزب التي تمّ ترجمتها باعتذارات من كلّ الذين تجرّؤوا على شتم أمينه العام، والمفارقة بأصوات مبحوحة وبوجوه شبه مستورة بقبّعات، وتحت الأحذية، ولا سيّما حذاء السيّد. وهذه المسألة كانت منتظرة بعد قوافل النّعوش التي وصلت وما زالت تصل من الحرب السّوريّة لأبناء البيئة الحاضنة، المغلوب على أمرهم. ناهيك عن ضرب مصالح هذه البيئة على أثر العقوبات الماليّة المفروضة على الحزب ورجالاته التي طالت فقراءها، ولو بطريقة غير مباشرة. فهل وأد الحزب الثّورة عليه في مهدها؟ أم أنّ ما ينتظره من بيئته قد لا يكون في حساباته الدّقيقة؟
هذه الأبعاد الجيوستراتيجيّة التي تقودها الدّول الإقليميّة قد تطيح بأذرعها حتّى تحافظ على وجوديّتها في الكيانيّة العالميّة. لكن لبنان في جمهوريّته الهشّة يبقى المتأثّر الأكبر بلعب الكبار، بغضّ النّظر عن كون المنظومة المصرفيّة اللبنانيّة هي خارج لعبة العقوبات، كونها لا تشكّل الأرض الخصبة لحركة أموال الحزب وإيران. فهل ستماشي الولايات المتّحدة حليفتها في المنطقة، وتكلّفها لتحقيق ما لم تستطع تحقيقه منذ 11 سنة؟ وهل سيستطيع لبنان المحافظة على استقراره الأمني والنّقدي على أثر وقف الإعتمادات، الذي سيتمّ على أثر العقوبات المفروضة؟ وهل ستحقّق الخطّة الأميركيّة الشرخ بين الحزب وبيئته؟ أم أنّ الصّمود سيحقّق الإنتصار الجديد؟