تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ميشال الشمّاعي -
على ما يبدو لمراقبي حركة الدّول في المنطقة، أنّ الإستراتيجيّات بدأت بالتّحوّل مع التحوّلات الميدانيّة التي تشهدها السّاحة الإقليميّة، لا سيّما في سوريا. فالحرب في الميدان شارفت على نهايتها بعد أن تمّ تقاسم الأدوار بين النّظام المدعوم من روسيا وإيران، وبين الأكراد المدعومين من الولايات المتّحدة الأميركيّة لإنهاء الحالات الإرهابيّة التي أشعلها النّظام ليبقي علّة وجوده. لكن ماذا لو أعلنت الولايات المتّحدة المواجهة في المنطقة؟
تبدو المنطقة اليوم أكثر سخونة بغضّ النّظر عن سحب فتيل الحروب، حيث باتت نهاية التّنظيمات الإرهابيّة حتميّة. لكن حربًا جديدة تطلّ برأسها لا سيّما أنّ النّفوذ الكردي المدعوم أميركيًّا آخذٌ في الإزدياد. لذلك سنشهد المزيد من الدّعم الرّوسي للميليشيات الإيرانيّة من الحشد الشّعبي إلى حزب الله اللبناني، وذلك لتطويق النّفوذ الأميركيّ الذي يرفض التّخلّي عن الشّرق الأوسط لصالح الرّوس.
وتجدر الإشارة إلى أنّ انخفاض أسعار النّفط في العالم النّاتج عن كثرة الإنتاج، قد يتعرّض لتغيير هذا "الستاتيكو" في محاولة روسيّة لإعادة التّحكّم بسوق النّفط العالمي. وما الزّيارة الأخيرة للملك سلمان إلى روسيا إلا لمزيد من عمليّة الإقناع الرّوسي للسّعوديّين ليدخلوا في الفلك الرّوسي وليتخلّوا عن التّحالف الأميركيّ المعهود. أو قد تكون لعبًا سعوديًّا على التّناقضات الإقليميّة.
من هذا المنطلق، ستشهد كردستان العراق المزيد من الضّغط من قبل الميليشيات الإيرانيّة، لا سيّما الحشد الشّعبي، وما الهجوم المستجدّ على منطقة كركوك إلا لإرجاع الثروة النّفطيّة إلى الحضن العراقي الشّيعيّ. فهل تسعى الولايات المتّحدة الأميريكيّة إلى استعادة كلّ العراق عبر دولة كرديّة قويّة قد تمتدّ حدودها حتّى المتوسّط غربًا؟ أم أنّ الرّوس سيزيدون من منسوب دعمهم لإيران وملحقاتها في المنطقة للضّغط على الولايات المتّحدة؟
هذه الإحتمالات ستدفع حتمًا نحو مواجهة جديدة على المسرح نفسه لكن من غير باب. من هنا، سنشهد في الأيّام القليلة القادمة بوادر إطلاق الخارطة الجديدة للمنطقة بعد إعلان موت سايكس- بيكو. هذا ما هو متوقّع مع رئيس أميركيّ كدونالد ترامب الذي لم يتوقّف عن التّلويح بضرب اتّفاقات سلفه أوباما مع إيران بعرض الحائط. وهو مستعدّ للتّصعيد إلى أقصى حدود. والأدهى من ذلك كلّه، محاربته على أكثر من جبهة. فخطابه المرتفع اللهجة ضدّ كوريا الشّماليّة قد يفجّر مواجهة ثانية في منطقة ثانية.
على ما يبدو، أصبح العالم اليوم عالم مواجهة لا عالم هدنات وتسويات واتّفاقات. فحتّى حليف الولايات المتّحدة في الشّرق الأوسط، أي إسرائيل، قد صرّحت على لسان ليبرمان بأنّ الجيش اللبناني وكلّ الدّولة اللبنانيّة في صلب استراتيجيّة حزب الله. والكلّ بات عرضة للمواجهة. فلكأنّ هذه الأخيرة تحلّل ذبح كلّ لبنان. فهل سينجح بلد ال 10452 كلم2 بتخطّي حقول الألغام هذه؟ ومن سيحكم السيطرة على البترول القديم والجديد؟ وهل ستنجح روسيا في الوقوف بين السّنة والشّيعة؟ أم أنّ التّناقضات التي تشتهر أميركا باللعب عليها ستعيدها طرواديًّا إلى المنطقة؟