تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ميشال الشمّاعي -
صحيح أنّ الأسبوع المنصرم حمل من السّخونة ما كان كفيلًا بتطيير الحكومة. لكن الأسبوع الذي نقبل عليه سيحفل أيضًا بسلسلة أحداث لعلّ أولّها تداعيات مسلسل السّلسلة التّركيّ الطّويل، وليس آخرها الخطابات التّهديديّة والتّوعّديّة الرّنّانة التي صدحت في الإحتفالات الدّينيّة الأخيرة. فهل سيحافظ لبنان على ثباته الإقتصادي واستقراره الأمني في ظلّ هذه الظّروف؟
وسط هذه المشهديّة دار حجر الرّحى في لبنان على إيقاع زيارات إقليميّة بدأها رئيسي حزب القوّات اللبنانيّة والكتائب إلى المملكة العربيّة السّعوديّة، فصوّر بعضهم هذه الزّيارة بأنّها تحضير لانقلاب على العهد، بينما أفادت مصادر القوّات بأنّها لتقديم وجهة النّظر حول مجمل أحداث المنطقة، إضافة إلى حيثيّات وتعقيدات الوضع اللبناني وصولا إلى الحلول المطلوبة. لكن جعجع يبني زيارته هذه على أساس الزّيارات السّعوديّة لعاصمتي القرار في واشنطن وموسكو، في ظلّ المساعي الجديّة في المنطقة للتّسوية المرتقبة. وذلك لوضع لبنان على خارطة المفاوضات كي لا تكون التّسوية على حساب لبنان بل على مستوى كلّ المنطقة في محاولة لدخولها في حقبة السلام بعد حلّ كلّ النّزاعات لا سيّما الصّراع السّعودي – الإيراني. وتحجيم الدّور الإيراني وتحويله إلى دور دبلوماسي وليس عسكريًّا.
وعاد جعجع وركّز الأولويّة لتطبيق الدّستور اللبناني وللمصلحة اللبنانيّة العليا. وذلك لإنهاء كلّ النّزاعات المستمرّة على أرضه. حيث أكّد السّعوديّون أنّ لبنان في المرتبة الأولى من أولويّاتهم. كما استرجع جعجع مع السّعوديّين، إعادة تطبيق تسوية الطّائف فعليًّا على كلّ الأراضي اللبنانيّة؛ وفي ذلك محاولة لتقوية الدّولة وتوحيد قرارها الإستراتيجي لنزع سلاح حزب الله وكلّ الميليشيات والمنظّمات بالضّغط الإقليمي والدّولي، لا سيّما بعد العقوبات الماليّة الأخيرة التي فرضتها واشنطن على الحزب ونواسخه.
وليس خافيًا على أحد أنّ وجود جعجع قد سرق الضّوء لزيارة الجميّل التي اعتبرتها أوساط الكتائب زيارة روتينيّة ليس أكثر. هذا من ناحية، أمّا من النّاحية الثّانية فالطّرف الآخر في لبنان المعني بالتّسوية المحليّة والإقليميّة، رفع الصّوت عاليًا في الإحتفالات الدّينيّة التي يرعاها وينظّمها حزب الله في ذكرى عاشوراء، وذلك لأنّه بات يلمس بأنّ دوائر القرار في العالم قد أعدّت خارطة إثنية مذهبيّة جديدة في الهلال الخصيب. تجلّت بشائرها بتهديد وحدة العراق بعد نتيجة الإستفتاء الكردي الذي جاء بنسبة 92 % بتأييد إنفصال كردستان عن العراق، ما أثار حفيظة الدّول المحيطة التي تحضن باقي القوميّة الكرديّة: إيران وسوريا وتركيا. لكنّ العراق وسوريا جزء من صراع جيوسياسي حول مصير الحكم في هذه المنطقة من العالم، لا سيّما بالنّسبة إلى الدّور الإيراني الذي يسعى لتطويق إسرائيل من كلّ الجهات، بعد أن يحقّق هلاله الخصيب الممتد من إيران مرورًا بالعراق فسوريا ولبنان، مع سيطرة تامّة على كلّ دول المنطقة من اليمن إلى البحرين فالكويت والسّعوديّة إن استطاع. لكنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة تسعى جاهدة للسيطرة على هذا الهلال الخصيب عبر تنفيذ تسويتها بالإتّفاق مع الرّوس لتنفيذ خارطتها الجديدة، منذ أيّام كوندوليزا رايس صاحبة نظريّة الشّرق الأوسط الجديد.
من هنا، تتطلّع الدّولة اللبنانيّة، لا سيّما الذين لا يبشّرون بالحرب المرتقبة في كلّ حين، إلى التحضير لإعادة الإعمار في سوريا والعراق. ولا يُخفى تخوّف الأوساط الإقتصاديّة من عمليّة دفع سلسلة الرّتب والرّواتب لموظّفي القطاع العام، وحجبها إلى حينه، عن موظّفي القطاع الخاص. وذلك وسط تهديدات المدارس الخاصّة. فهل ستستمرّ الدّولة بدفع الرّواتب على أساس السلسلة الجديدة؟ أم أنّها قد تعود إلى الجداول القديمة لا سيّما وأنّ هذه التّجربة قد حصلت أيّام الرّئيس لحّود؟ وهل ينجح حزب الله في جرّ إسرائيل إلى حرب جديدة ليعيد تموضعه العسكري وإطباقه من جديد على قرار الدّولة الإستراتيجي؟ أم تنجح التّسويات الإقليميّة في ضمّ لبنان إلى أجندتها وتعيد ما سلبته الدّويلة من الدّولة؟